قوله تعالى: {وإِنَّه} يعني القرآن {لَتَنْزِيلُ ربِّ العالَمِين. نَزَلَ به الرُّوحُ الأمينُ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: {نَزَل به} خفيفاً {الرُّوحُ الأمينُ} بالرفع. وقرأ أبن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: {نَزَّلَ} مشددة الزاي {الرُّوحَ الأمينَ} بالنصب. والمراد بالرُّوح الأمين جبريل، وهو أمين على وحي الله تعالى إِلى أنبيائه، {على قَلْبِكَ} قال الزجاج: معناه: نزل عليك فوعاه قلبك، فثبت، فلا تنساه أبداً.قوله تعالى: {لِتَكونَ من المُنْذِرِينَ} أي: ممن أَنذر بآيات الله المكذَِّبين، {بلسان عربيّ مُبِين} قال ابن عباس: بلسان قريش ليفْهموا ما فيه.قوله تعالى: {وإِنه لفي زُبُرِ الأوَّلِين} وقرأ الاعمش: {زُبْرِ} بتسكين الباء. وفي هاء الكناية قولان:أحدهما: أنها ترجع إِلى القرآن؛ والمعنى: وإِنَّ ذِكْر القرآن وخبره، هذا قول الأكثرين.والثاني: أنها تعود إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله مقاتل. والزُّبُر: الكُتُب.قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكُنْ لهم آيَةً أن يَعْلَمه عُلماء بني إِسرائيل} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي: {أولم يكن لهم} بالياء {آيةً} بالنصب. وقرأ ابن عامر. وابن أبي عبلة: {تكن} بالتاء {آيةٌ} بالرفع. وقرأ أبو عمران الجوني، وقتادة {تكن} بالتاء {آيةً} بالنصب قال الزجاج: إِذا قلت: {يكن} بالياء، فالاختيار نصب {آيةً} ويكون {أنْ} اسم كان، ويكون {آية} خبر كان، المعنى: أَوَلَم يكن لهم عِلْم علماء بني إِسرائيل أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حقٌّ، وأن نبوَّته حق؟! {آية} أي: علامة موضحة، لأن العلماء الذين آمنوا من بني إِسرائيل وجدوا ذِكْر النبي صلى الله عليه وسلم مكتوباً عندهم في التوراة والإِنجيل. ومن قرأ: {أَوَلَم تكن} بالتاء {آيةٌ} جعل {آية} هي الاسم، و{أن يعلمه} خبر {تكن}. ويجوز أيضاً {أوَلم تكن} بالتاء {آيةً} بالنصب، كقوله: {ثم لم تكن فِتْنَتُهم} [الأنعام: 23] وقرأ الشعبي، والضحاك، وعاصم الجحدري: {أن تَعْلَمَهُ} بالتاء.قال ابن عباس: بعث أهل مكة إِلى اليهود وهم بالمدينة يسألونهم عن محمد صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إِنّ هذا لَزمانُه، وإِنّا لنجد في التوراة صفته، فكان ذلك آية لهم على صِدقه.قوله تعالى: {على بعض الأعجمِين} قال الزجاج: هو جمع أعجم، والأنثى عجماء، والأعجم: الذي لا يُفْصِح، وكذلك الأعجمي؛ فأما العجمي: فالذي من جنس العجم، أفصح أو لم يُفْصِح.قوله تعالى: {ما كانوا به مؤمِنِين} أي: لو قرأه عليهم أعجميّ لقالوا: لأنفقه هذا، فلم يؤمنوا.